بعد أن تكتشفَ أنَّ ابنَك موهوب، سواء عرفت ذلك بنفسك أو عن طريق تقييمات خارجية، فإنّك قد تشعر بالقلق عليه وقد يكون السؤال الأوّل الذي يتبادر إلى ذهنك هو: “كيف يمكنني أن أساعدَ ابني الموهوب على تحقيق ذاته؟ “. والحقيقة هي أنّه لا حاجة للقلق الزائد، إذ أنَّ هناك عددًا من الخطوات العملية والسهلة التي يمكنك أن تقومَ بها من أجل مساعدة ابنك دون الإثقال عليه أو عليك، ودون أن تشعر بأنّك لست موهوبًا كفاية أو أنّك لست خبيرًا كفاية للتعامل معه ولتوفير ما يحتاجه لنموّه السليم.
إِنّ المهمّةَ الأهمّ التي على الأهلِ هي توفيرُ جوّ ملائم للطالب الموهوب ليتمكّن من تحقيق ذاته وتطوير قدراته، عن طريق تقديم ما يثير فضوله وتوفير بيئة غنيّة بالتجارب المثيرة والمفيدة، ومثل هذا صحيح لكلّ الطلاب، وصحيح أكثر للطلاب الموهوبين. وإليكم بعض النصائح العمليّة في هذا الاتجاه والتي تفتح للطالب الموهوب آفاقًا كثيرة دون الضغط عليه في اتجاه معيّن.
توفير ما يحتاجه في مجال اهتمامه
أولًا، يتوجّب توفير ما يلزُم الطالبَ الموهوب من أمورٍ تتعلّق باهتماماته، فإنْ كان طفلك مهتمًّا بقراءة القصص مثلًا، فستكون مهمّتُك الأساسية توفيرَ عددٍ مناسب وشائق من القصص له، قراءتها له (إن كان لم يتعلّم القراءة بعد)، وتهيئةَ جوّ هادئ له ومكانٍ مناسب يقرأ فيها قصصه، يمكنُ بالطبع شراء القصص له أو استعارتها من المكتبة العامّة، ويمكن أيضًا توفير قصصٍ إلكترونية له. وإنْ كان مهتمًّا بموضوعٍ معيّن مثل الديناصورات، فيمكنك شراء مجسّمات بلاستيكية منها وكتب تتحدث عنها، وتوجيه ابنك لمواقعَ تهتمّ بها.
كشف الطفل على مجالات جديدة
يمكنك أيضًا كشف طفلك على أمور أو مواضيع لم يختبرها من قبل أو لم يبدِ اهتمامًا بها، هذا التصرّف سيؤدّي إلى كشف الطفل على عوالمَ مختلفة قد تهمّه وقد تثير فضوله وتشبعه، وقد يتعلّق بها بمجرّدِ التعرُّف عليها، فيمكنك مثلًا ممارسة الرسم معه أو حلّ ألغاز رياضية أو القيام بتجارب علمية بسيطة (هناك أطقمُ تجاربَ جاهزة، سهلة وآمنة)، ويمكنك أيضًا زيارة المتاحف معه أو حديقة الحيوان وما شابه.
التفاعل مع الطفل
التحدّث إلى طفلك أثناء اللعب أو الجلوس معه، أو أثناء قيامك بمهامّ بيتيّة، سيكون له أثرٌ إيجابي عليه، فالموهوبون بالعادة يحبّون الحديث عن اهتماماتهم، وطرح الأسئلة الكثيرة على الأهل بهدف إشباع فضولهم وزيادة معارفهم، ويجب علينا ألّا نملّ من أسئلتهم، والتي قد تكون بلا نهاية وعميقة وحتى غريبة أحيانًا، فكثيرٌ من الطلّاب الموهوبين يطرحون أسئلةً فلسفيةً جوهرية، ويَصعُب علينا أحيانًا الإجابة عنها، وهذا شرعي ولا حرجَ فيه، فقد نقول له مثلًا: “أنا لا أعرف الإجابة عن هذاالسؤال، ما رأيك أن نبحث عنه معًا ؟ أو أن تبحثَ عن إجابته وتخبرني؟”. إنَّ اعتمادَ الطالب الموهوب على نفسه في الإجابة عن الأسئلة، سيمنحه وسيلةً هامّة لزيادة معارفه وتطوير قدراته على التعلُّم الذاتي، وكثيرٌ من الطلَّاب الموهوبين في مرحلة معيّنة يستغنون بالفعل عن سؤال الغير، ويبحثون عن الإجابات عبر الشبكة باستقلاليةٍ تامّة أو شبه تامّة.
القيام بنشاطات مع الطفل
إنّ إحدى الطرق الهامة لزيادة المجالات التي يهتمّ بها الطفل الموهوب، وكشفِه على عوالم وقضايا جديدة تكون في ممارسة نشاطاتٍ معه، مثل التنزّه في الطبيعة حيث يمكنه مشاهدةُ كَمٍّ كبيرٍ من النباتات والكائنات الحياة والظواهر الطبيعية التي قد تُثير فضوله وتساؤلاته، وزيارة المتاحف والمتنزّهات مثلًا، هي إحدى الطرق في هذا الاتجاه، فقد تثيرُه نقاشاتٌ ممتعة وقضايا جديدة لم يألَفْها الطفل من قبل.
ألعاب التفكير والذّكاء
إنَّ شبكةَ الإنترنت ومحلَّات الألعاب مليئةٌ بألعاب الذكاء والاستراتيجيات التي تساهم في تنمية قدرات الطفل الموهوب وتوسيع مداركِه وطرقِ التفكير عنده، وقد تكون هذه ألعابًا محوسبةً أو ألعابًا عادية، وكلّها مفيدة له، وإن كان ابنك مهتمًا مثلًا بالألعاب التركيبية وبناءِ مجسَّمات، فيُمكنك توفيرُ عددٍ منها له وبصورٍ مختلفة (ليجو، ألعاب عيدان للبناء، مكعّبات خشبية وما شابه)، وبسهولة نسبيًا ممَّا يضمن قضاءَ أوقاتهم بشكل مثمر.
ضمّ الطفل لبرامجَ خاصّة
يمكن للأهل، وخاصَّة حين لا يُسعفهم الوقت، أو حين يشعرون أنهم استنفذوا كثيرًا من طاقاتهم ومعرفتهم، أو حين يودّون توفير فرصِ التعلُّم للطفل الموهوب أن يضمُّوه لأحد البرامج التي ترعى أمثاله. ممكن أن تكون هذه البرامج من خلال المدرسة أو أجسامٍ أخرى وممكن أن تكون على شكل دوراتٍ خاصَّة بها أو مخيَّمات أثناء العطل، وإذا كان البرنامج خاصًّا بالموهوبين ومن قبل مختصّين في المجال، فسيكون الأمر مناسبًا جدًا، حيث يمكن تلبية احتياجات الطالب الموهوب، ومنحه فرصةَ التعرُّف على أمثاله والتعلُّم منهم والتفاعل معهم.