لا يوجد اتفاق بين الباحثين على تعريف الطالب الموهوب، ولن يكون ثمة اتفاق في تقديري على تعريف شامل ومحدد، لكون ظاهرة الموهبة معقدة ومتشابكة، كما هو الحال في معظم -إن لم يكن كل- الظواهر والمصطلحات النفسية، التربوية والاجتماعية. لكن هناك بعض الخصائص التي قد تميّز الطالب الموهوب عن غيره من الطلاب، ولا تظهر هذه الصفات كلها بالضرورة عند كل الطلاب الموهوبين، فقد يظهر جزء منها فقط، كما أنها قد تظهر عند بعض الطلاب العاديين دون أن يكونوا موهوبين بالضرورة. ويجب التنويه بداية إلى أنّ تحقيق نتائج متقدمة في الاختبارات المدرسية والمعيارية لا يشير بالضرورة إلى كون الطالب موهوبا، بل قد يشير إلى كونه مجتهدا ومواظبا، وهي صفات تختلف عن الموهبة. نجمل فيما يلي أهم المميزات التي قد تظهر عند الطلاب الموهوبين.
- القدرة المبكرة على القراءة: تتطور قدرة الطالب الموهوب على القراءة في سن مبكّرة مع حساسية للفروقات اللغوية، إلى جانب قدرته على فهم نصوص معدة لطلّاب قد يكبرونه بسنة أو أكثر، وقد يُظهر اهتماما كبيرا بالقراءة في مجالات شتى وعلى نطاق واسع، وقد يركّز قراءته في مجال واحد على نحو مكثّف.
- القدرة على استخدام مفردات تفوق جيلهم: يستطيع الموهوبون استخدام كلمات لا يستخدمها عادةً من هم في جيلهم، كونها بمستوى عالٍ، ولذلك تكون قدرة البعض منهم على التعبير عن أفكارهم بوضوح كبيرة وبلغة مميّزة.
- القدرة على مناقشة مواضيع مجرّدة: يستطيع الكثير من الطلاب الموهوبين مناقشة مواضيع يناقشها البالغون في العادة، وقد تتعلق هذه المواضيع بأسئلة فلسلفية ونفسية واجتماعية جوهرية، مثل الهدف من الحياة، وعلاقة الخلق بالخالق، وجوهر العلاقات بين الناس، والنّفس الإنسانية.
- القدرة على التفكير النقدي: يتميز الطلاب الموهوبون بمناقشة الكثير من المسلّمات، وطرح الأسئلة الصعبة، وطرح رؤى بديلة لما يتمّ عرضه سواء في أثناء القراءة أو المناقشة، كما بإمكانهم كشف التناقضات في الأفكار والحجج.
- الإبداع والابتكار: باستطاعة الطلاب الموهوبين النظر إلى الأمور من زوايا مختلفة، كما يمكنهم ابتكار حلول إبداعية أو منتوجات جديدة لا يفكر غيرهم من الطلاب بها.
- معرفة واسعة وعميقة بالمعارف والعلوم: يحتفظ الموهوبون بكم كبير من المعلومات في مجالات شتّى، مما يثير إعجاب البالغين من حولهم، وقد تكون معرفتهم دقيقة ومفصلة، مع قدرتهم على شرحها ومناقشتها في كثير من الأحيان.
- القدرة على معالجة معلومات كثيرة ودمجها: يمكن للطلاب الموهوبين استيعاب كم كبير من المعلومات وربطها معا لاستخلاص استنتاجات ولفهم أفضل لهذه المعلومات.
- القدرة على التركيز الشديد: يستطيع الطالب الموهوب الانغماس التام في مواضيع تهمه كثيرا، وقد يكون اهتمامه شديدا لدرجات غفلانه عما يدور من أحداث في بيئته القريبة.
- طاقة كبيرة للعمل: توجد لكثيرين من الطلاب الموهوبين قدرة على العمل والحركة والنشاط بشكل لافت، لدرجة أن حركتهم الزائدة قد تزعج الآخرين، فيصنّفهم معلموهم على أنهم يعانون من الحركة المفرطة، وقد تكون هذه الطاقة نابعة من رغبة شديدة لاستكشاف ما حولهم وإشباع فضولهم والتعرف إلى أمور جديدة.
- الفضول الشديد: للطلاب الموهوبين فضول كبير يدفعهم إلى التعرف إلى الأشياء والأفكار من حولهم، مع رغبة في فهم الأمور على نحو أعمق وأوسع، وقد تكون لديهم اهتمامات خاصة بهم يمارسونها لأوقات طويلة وبعناية وانتباه، وهم يكثرون من الأسئلة الرامية إلى فهم ما يؤرقهم لدرجة قد تثير تعب معلميهم وأهاليهم.
- الاستقلالية في التصرفات: غالبا ما يُظهر الطلاب الموهوبون نزوعا إلى الاستقلالية والاعتماد على الذات، فتكون لهم عادةً القدرة على متابعة المهام الملقاة على عاتقهم، بالإضافة إلى ترتيب أولوياتهم وتنظيم أوقاتهم بأنفسهم.
- القيادة: تظهر صفة القيادة عند كثير من الطلاب الموهوبين، فبإمكانهم ترتيب العمل المشترك، وتوزيع المهام، إلى جانب إرشاد الآخرين وقيادتهم نحو الأهداف وما شابه ذلك من قدرات قيادية أخرى، مثل العمل تحت ضغط والتفكير في حلول ناجعة.
نؤكد مرة أخرى على أنّ وجود أي من الصفات أعلاه لا يعني بالضرورة كون الطالب موهوبًا (على الأقل من حيث القدرات الأكاديمية)، كما أنّها ليست كلّها ضرورية للفصل بأنّ الطالب موهوب، فيكفي في العادة وجود قسم منها، كما يجب التأكيد على أنّه برغم قدراتهم العالية، فإنّ للطلاب الموهوبين احتياجاتهم الخاصّة، ولذا قد يحتاجون إلى برامج خاصّة بهم.